في ذكرى اغتيال "أمير الرومانسية" يوسف السباعي.. رد قلبي
"نحن شعب يحب الموتى، ولا يرى مزايا الأحياء حتى يستقروا في باطن الأرض"، "أتدري أن أكبر كارثة يمكن أن يبتلى بها المرء في حياته هي الموت.. أتدري أن الإنسان مهما بلغ تبرمه بالحياة وكرهه لها تجده يتعلق بأهدابها ويخشى الموت رغما عن تأكده أنه سيضع حدا لضيقه وبؤسه لا لشيء إلا لفرط ما يتخيله في الموت من بشاعة".
هذا ما كتبه فارس الرومانسية يوسف السباعي عن الموت ولم يكن يعرف أن هذا الكلام سيُطبق عليه في يوم ما، في ذكرى اغتياله 18 فبراير 1978 نتذكر له معا أبرز مواقفه ورواياته وكتاباته التي أثرت في أجيال وأجيال.
أثرى يوسف السباعي الأدب المصري بـ 22 مجموعة قصصية وأصدر عشرات الروايات آخرها العمر لحظة سنة 1973. نال جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 1973 وعددا كبيرا من الأوسمة. لم يكن أديباً عادياً، بل كان من طراز خاص وسياسياً على درجة عالية من الحنكة والذكاء.
ولم يكن روائيًا وكاتبًا صحفيًا فقط ولكنه شغل كثير من المناصب منها التدريس في الكلية الحربية في عام ١٩٤٠م عمل بالتدريس في الكلية الحربية بسلاح الفرسان، وأصبح مدرساً للتاريخ العسكري بها عام ١٩٤٣م، ثم اختير مديراً للمتحف الحربي عام ١٩٤٩م وتدرج في المناصب حتى وصل إلى رتبة عميد.
كما عينه الرئيس المصري أنور السادات وزيراً للثقافة، وظل يشغل منصبه إلى أن اغتيل في قبرص في 18 فبراير 1978، ورأس تحرير عدد من المجلات منها الرسالة الجديدة وآخر ساعة والمصور وجريدة الأهرام، كما شغل منصب نقيب الصحفيين.
وتميز أسلوبه في الكتابة بالسخرية حتى يتمكن من إلقاء الضوء على سلبيات الواقع بشكل غير مباشر، ويقول السباعي نفسه عن موقفه في السخرية: " إنى رجل يحب المزاح، وإننى أرى أن المرء لا يربح من حياته إلا ساعات الضحك، واذا علمت أيضا ان الإنسان بطبيعته مخلوق مهرج، وانه لا يغريه شئ كالهزل والتهريج، وأنك إذا أردت أن يستمع أحدٌ إليك فاضحكه أولاً ثم قل له ما تريد"، فقد عُرف يوسف السباعي ببساطة أسلوبه وخفة دمه فكيف يحدث أن يجمع كاتب بين الدراما والواقع وخفة الظل مثلما حدث في أرض النفاق، أم رتيبة، جمعية قتل الزوجات، يا أمة ضحكت، المؤلفات التي تصوّر الحياة الشعبية وما يدور فيها، بأخيلة فياضة مربوطة بسخرية كاشفة عن الخلل في المواصفات الاجتماعية والسياسية.
من المعتاد أن يتأثر الكاتب فى كتاباته بالنماذج البشرية من حوله مما يضفى عليها سمة الواقعية.
وأكثر نموذج تأثر به يوسف السباعى هى زوجته دولت السباعى، وقصة حبهما التى دامت لسنوات ، نجد شخصية دولت فى "إنجي" حبيبة على فى رواية رد قلبي، و يتكرر وجود هذا التشابه في روايته اني راحلة، فنجد البطل أحمد ضابط الجيش مثلما كان يوسف السباعى نفسه، ويحب أبنة خالته مثلما كان يحب هو أبنة عمه، ويرفضه أباها لكن تخيل فى الرواية الاسوأ حيث يزوجها الأب لشخص أخر لتنتهى الرواية بنهاية مأساوية حين يموت أحمد بين ذراعى حبيبته التى تنتحر لتشاركه موته بعد أن عجزت عن مشاركته حياته.
اغتيل في قبرص في صباح يوم 18 فبراير عام 1978 عن عمر ناهز الـ 60 عاماً أثناء قراءته إحدى المجلات بعد حضوره مؤتمراً آسيوياً أفريقياً بإحدى الفنادق هناك.
قتله رجلان في عملية أثرت على العلاقات المصرية - القبرصية وأدت بمصر لقطع علاقاتها مع قبرص وذلك بعد قيام وحدة عسكرية مصرية خاصة بالهبوط في مطار لارنكا الدولي للقبض علي القتلة دون إعلام السلطات القبرصية، حيث احتجز القاتلان بعد اغتياله نحو ثلاثين من أعضاء الوفود المشاركين في مؤتمر التضامن كرهائن واحتجزوهم في كافيتيريا الفندق مهددين باستخدام القنابل اليدوية في قتل الرهائن ما لم تستجب السلطات القبرصية لطلبهما بنقلهما جوا إلى خارج البلاد، واستجابت السلطات القبرصية لطلب الإرهابيين وتقرر إقلاعهما على طائرة قبرصية للسفر خارج قبرص من مطار لارنكا، ودارت معركة بين القوة الخاصة المصرية والجيش القبرصي، أدت إلى مقتل عدة أفراد من القوة المصرية وجرح العديد من الطرفين، واتهمت لاحقا منظمة أبو نضال بالجريمة.