هل كان يوسف إدريس يحب نجيب محفوظ فعلا؟ (1)
قد لايعرف كثيرون من هو البروفيسور عطيه عامر. فغير أنه أستاذ للغة العربية بجامعة استكهولم، هو يقول إنه صاحب ترشيح نجيب محفوظ لجائزة نوبل عام 1988. ولكن كيف حدث ذلك؟، خصوصا وأن اسم عطيه عامر لا يزال مجهولا عند أغلب المثقفين المصريين.
في بداية فبراير سنة 1978 وصل إلى منزل البروفيسور عطية عامر خطاب من الأكاديمية السويدية لترشيح أديب عربي. كانت فرحة الرجل كبيرة لأن نوبل تسأل أستاذا مصريا. هذه المرة كانت الأولى التي تطلب فيها الأكاديمية منه، ولكنه يقول أنه تبرع عام 1967، ورشح عميد الأدب العربي طه حسين لنيل الجائزة دون أن يطلب منه ذلك. الوقت لم يكن مناسبا لأن الغرب كله كان ضد مصر وضد عبدالناصر.
رشحت محفوظ، ولو كان طه حسين المتوفى أواخر أكتوبر 1973موجودا لرشحته. هكذا قال عامر، في كتاب لم يصدر بعد، مشيرا إلى أن عميد الأدب العربي كان أعظم الموجودين. عامر يرى أن توفيق الحكيم (الذي تدخل السادات لصالحه في الترشح لنوبل) لا يمثل الروح المصرية العميقة، وأن المسحة الفرنسية واضحة جدا في تفكيره، ولا يصل في الرواية إلى مستوى محفوظ الذي يمثل مصر الحقيقية، ويتضمن فلسفة واضحة.
يقول عامر أن الأديب الكبير يوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوي أرسلا له يطلبا دعمه. لكنه كان قد حسم أمره بدعم محفوظ, عن طريق ترجمة أعماله. يذكر عامر أنه ذهب لسفير مصر في السويد، عمر شرف، وقتها، طالبا منه الدعم في حملة دعائية كبيرة لنجيب محفوظ في معرض الكتاب المصري، عن طريق استقدام أعضاء الأكاديمية السويدية لإلقاء محاضرات عن الأدب السويدي.
الرئيس الراحل أنور السادات تحدث إلى عمر شرف في السويد، طالبا منه أن يتحدث إلى عامر وأن يخبره بأنه يريده أن يرشح الحكيم لأنه صديقه ومع النظام، وأن الرئيس جمال عبدالناصر كان يحبه.
الغريب أنه بعد سنوات عديدة، وبعد أن جاء الرئيس السابق حسني مبارك إلى الحكم، طلب من عامر عبر رسالة تم توجيهها من رئاسة الجمهورية إلى السفير المصري بالسويد وقتها، عبدالرحمن مرعي، في أن يغير من ترشيحه لنجيب محفوظ، طالبا منه أن يرشح عبد الرحمن الشرقاوي بدلا منه.
الشرقاوي، والقول لعامر خاطبه برسالة، مذكرا إياه بالصداقة القديمة، أو كما يسميها عامر "معرفة"، عندما تقابلا في الحي اللاتيني بباريس، كما ذكره بأنه صديق لوزير الثقافة الأسبق أحمد هيكل. ولكن عامر، رد على رسالته، قائلا "للأسف وبالرغم من صداقتنا المشتركة مع هيكل لا أستطيع أن أقدمك كمرشح لجائزة نوبل".
بعد سنوات أخرى، وبعد أن كانت الجائزة تظهر كل عام بلا اسم عربي، طلبت الأكاديمية منه مرة أخرى اسما آخر غير نجيب محفوظ، لطبيعة الأكاديمية وطبيعة الجائزة، فرشح عامر يوسف إدريس، لأنه وكما يصفه، "أحسن واحد بيكتب قصة قصيرة". عامر كتب محفوظ مرشحا أولا، وإدريس مرشحا ثانيا.
يوسف إدريس كان يلتقي عامر عند الناقد الكبير جابر عصفور في القاهرة. إدريس ذهب إلى السويد عن طريق معونة من الرئيس العراقي صدام حسين، ولكن رحلته فشلت أو بالأحرى أضرت به كثيرًا، هكذا كان يرى عامر، الذي قال إن إدريس هاتفه أول ما وصل ستكهولم، وسأله "هل رشحتني؟"، فقال له نعم ولكن كمرشح ثاني بعد نجيب محفوظ، فقال إدريس "سيبك من نجيب محفوظ، هذه الجائزة سترفعني في السماء، فلماذا لا تريد لي كذلك".