
"دمار بلا أهداف".. "تفكيك إسرائيلي" لأكاذيب جيش الاحتلال في الحرب على غزة
منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، انشغل الإعلام الإسرائيلي والدولي بتغطية الأحداث المتسارعة، لكن وسط هذا الزخم الإعلامي، برزت أصوات تحاول كشف الحقائق وسط ضجيج الدعاية الرسمية.
أحد أبرز هذه الأصوات هو البروفيسور الإسرائيلي إيدان لاندو، أستاذ اللغويات بجامعة تل أبيب ومؤسس المدونة السياسية "لا تموت أحمق"، الذي كشف، حسب تقرير نشره موقع "أسخن مكان في الجحيم" العبري، عن وجود تضليل منهجي تمارسه المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لإخفاء فشلها وإعادة تشكيل الوعي العام بما يتناسب مع مصالحها.
لطالما استخدم الجيش الإسرائيلي الإعلام كأداة لإعادة تشكيل الوعي الجمعي داخل إسرائيل، متجنبًا الاعتراف بالفشل العسكري أو السياسي.
إذ يشير "لاندو" إلى أن التغطية الإعلامية الإسرائيلية اعتمدت بشكل أساسي على تضخيم أهداف الحرب، وتقديمها على أنها "عملية للقضاء على حماس"، بينما كان الجيش يدرك منذ البداية أن تحقيق هذا الهدف غير ممكن.
وفق موقع "أسخن مكان في الجحيم"، فإن الجنرالات الإسرائيليين أنفسهم صرحوا، في وقت مُبكر من ديسمبر 2023، بأن القضاء على حماس بالكامل ليس هدفًا واقعيًا، ومع ذلك استمرت الدعاية في الترويج لهذه الفكرة؛ ما أدى إلى إطالة أمد الحرب ورفع تكلفتها البشرية والاقتصادية.
وفقًا للبيانات التي استعرضها "لاندو"، فإن الجيش الإسرائيلي زعم أنه قتل 45 ألف مقاتل من حماس، بينما لم يكن عدد مقاتلي حماس في بداية الحرب يتجاوز 25 ألفًا.
هذا التناقض يعكس محاولة مقصودة لخلط المدنيين بالمقاتلين، حيث تحولت كل جثة في غزة إلى "مقاتل مفترض" في الخطاب الرسمي.
هذه الأرقام لم تعد تثير اهتمام المجتمع الدولي، الذي يرى فقط الصور القادمة من غزة، والتي تكشف عن دمار واسع النطاق وقتل ممنهج للأطفال والنساء. هذه المفارقة، كما يصفها "لاندو"، تمثل أحد أوجه الأكاذيب الكبرى التي روج لها الجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من الكثافة النارية والعمليات العسكرية واسعة النطاق، لم يحقق الجيش الإسرائيلي أهدافه الاستراتيجية.
ويشير لاندو إلى أن العمليات التي نُفذت في غزة لم تؤدِ إلى انهيار حماس عسكريًا، بل على العكس، تمكنت الحركة من إعادة بناء قدراتها، مستغلة الثغرات التي تركها الجيش الإسرائيلي خلال حملاته.
وتوقفت الحرب مؤقتًا، لكنها لم تكن سوى استراحة لإعادة ترتيب الصفوف، في حين استمرت الدعاية في الحديث عن "المرحلة الثانية"، وكأن الحرب لم تنتهِ بعد.
ولم تقتصر نتائج الحرب على الخسائر البشرية، بل امتدت لتشمل أزمة ثقة غير مسبوقة لدى المجتمع الإسرائيلي. ووفقًا لاستطلاعات الرأي التي أوردها موقع "أسخن مكان في الجحيم"، فإن 70% من الإسرائيليين ما زالوا يثقون بالجيش، مُقارنة بـ 17% فقط يثقون بالحكومة.
ويعزو لاندو هذه المفارقة إلى نجاح الجيش في خلق صورة إعلامية تجعله يبدو كضحية لقرارات سياسية خاطئة، رغم أنه كان مشاركًا أساسيًا في وضع هذه الاستراتيجيات.
يرى لاندو أن المجتمع المدني هو الوحيد القادر على كسر حلقة التلاعب المستمر، وإجبار الجيش الإسرائيلي والسياسيين على تقديم حلول واقعية بدلًا من الحلول العسكرية، التي لم تؤدِ سوى إلى مزيد من التصعيد.
ويشير أيضًا إلى ضرورة البحث عن شراكات فلسطينية خارج إطار حماس، مؤكدًا أن الحوار هو السبيل الوحيد للخروج من دائرة العنف المستمرة.
وتكشف رؤية البروفيسور إيدان لاندو، كما عرضها موقع "أسخن مكان في الجحيم"، عن صورة مغايرة تمامًا لما يُروج له رسميًا داخل إسرائيل، من التلاعب بالأرقام إلى استغلال الإعلام، لتتضح معالم حرب لم تحقق أهدافها، بل كرست واقعًا أكثر تعقيدًا.