ثورة طبية لعلاج الصلع فى جامعة المنصورة
كعادتها دائماً قلعة الطب المصرى فى كلية الطب جامعة المنصورة تقدم لنا الجديد، منذ مركز الكلى ومركز الكبد والجهاز الهضمى والأورام وغيرها من المراكز التى صارت منارات عالمية وليست مصرية فحسب، عاهدتنا جامعة المنصورة على مشاركة العالم كتفاً بكتف فى كل مجالات البحث العلمى، آخر تلك المشاركات كان من قسم الأمراض الجلدية المتميز بتلك الجامعة العريقة، من خلال علاج الصلع وسقوط الشعر بطريقة جديدة وآمنة.
اكتسب فقدان الشعر (الصلع) أهمية خاصة، نظراً لحدوثه فى سن الشباب والانطلاق، وكذلك للأهمية الجمالية للشعر. يعتبر الصلع الناتج عن هرمون الذكورة والعامل الوراثى فى الجنسين من أهم أسباب سقوط الشعر على الإطلاق، ورغم أهمية هذا النوع من سقوط الشعر، فإن أسبابه الحقيقية ما زالت غير معروفة بشكل كامل.
تم استخدام الكثير من الأدوية فى هذا الصدد، ومنها أقراص الفيناسترايد (المضادة لهرمون الذكورة) لعلاج الصلع عند الرجال، ولكن للأسف كانت له أعراض جانبية كثيرة أدت إلى منع استخدامه، وحتى الآن لا يوجد علاج معترف به من منظمة الغذاء والدواء العالمية سوى عقار المينوكسيديل الموضعى (الذى كان يُستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم)، ويعتبر المينوكسيديل من أكثر علاجات سقوط الشعر شهرة، وذلك لعدم وجود عقارات أخرى، ولكن لوحظ أن هذا العقار أدى إلى الكثير من المشكلات الصحية، منها نمو الشعر فى الوجه والجسم، وهو ما يشكّل مشكلة للفتيات، خاصة إذا علمنا أن كثيراً من الفتيات اللائى يعانين من هذا النوع من سقوط الشعر لديهن ازدياد فى شعر الوجه والجسد، بما يُسمى الشعرانية، فضلاً عن أن نسبة نجاح المينوكسيديل لا تتعدى 30%، وكثيراً ما يؤدى إلى ظهور قشور وحساسية بفروة الرأس، وكذلك انخفاض ضغط الدم فى بعض المرضى، بالإضافة إلى حتمية استخدامه مدى الحياة وإلا سقط الشعر مرة أخرى، لذا فإن البحث عن دواء فعّال وآمن واقتصادى لعلاج هذه المشكلة أصبح أمراً ملحاً ومهماً، وفى تعاون علمى متميز تمكن فريق عمل مشترك من قسم الأمراض الجلدية برئاسة أ. د. حسن فايد وعضوية د. أحمد ستيت، ود. أميرة قطب، ومن كلية صيدلة المنصورة برئاسة أ. د. فريد بدرية، أستاذ العقاقير، ود. إيمان مازيد، مدرس الصيدلانيات وتكنولوجيا النانو بصيدلة كفر الشيخ، وفى إطار رسالة ماجستير د. أميرة قطب، وبعد أخذ كل الموافقات الرسمية وأخلاقيات البحث العلمى، تم دراسة الاستخدام الموضعى لعقار حمض فالبرويك، لزيادة نمو شعر فروة الرأس وزيادة كثافته من خلال تنبيه الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر، حيث تم تحميل هذا العقار بواسطة تكنولوجيا النانو، حتى يتم نفاذه إلى البصيلات بتركيز محسوب بدقة (8.3%)، وتم عمل بحث لمقارنة حمض الفالبرويك بالمينوكسيديل لعلاج 80 مصاباً بالصلع من الجنسين، وتم تقسيمهم إلى مجموعتين كل مجموعة أربعون مريضاً، ونظراً لظروف جائحة كورونا، فقد تم اختصار مدة المتابعة إلى ثلاثة أشهر بدلاً من ستة، وقد أظهرت النتائج زيادة كثافة وسمك الشعر فى المجموعتين بنسب متساوية، ولكن دون أى آثار جانبية تذكر فى مجموعة الفالبرويك، وهو ما أثبت فاعليته فى علاج الصلع، وبدون آثار جانبية تذكر.
تم نشر هذا البحث فى دورية Pharmaceutics العالمية المرموقة، التى تهتم بالجديد والمتميز فى مجال أبحاث العلاج، ويعتبر هذا إنجازاً طبياً لجامعة المنصورة وللنخبة المشاركة، ويواصل أ. د. حسن فايد، وأ. د. فريد بدرية العمل فى بحث جديد باستخدام حمض الفالبرويك بالإضافة إلى استعمال الـDermaruller لدراسة تأثير زيادة نفاذ المادة الفعالة على تحسن النتائج الطبية، مع زيادة فترة المتابعة ودراسة تأثير توقف استعمال العلاج على استمرارية النتائج.