من المتسبب في غرق "القاهرة الجديدة"؟.. أطراف الأزمة يواجهون السؤال الصعب
حالة من الغضب شهدتها مصر خلال الأيام الماضية، إثر غرق أرقى مناطق القاهرة الكبرى، وهي منطقة القاهرة الجديدة والتجمع الخامس، بعدما غطت مياه الأمطار الشوارع، لتعتذر الحكومة، ويتقدم أعضاء مجلس النواب المصري بعدد من طلبات الإطاحة، وتحيل هيئة الرقابة الإدارية عددًا من المسؤولين إلى التحقيق.
الرقابة الإدارية وجهت الاتهامات لكل من رئيس جهاز مدينة القاهرة الجديدة، ورئيس شركة الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، واللجنة المسؤولة عن استلام وتسلم محطات الصرف الصحي لجهاز مدينة القاهرة الجديدة، ومدير عام التأمين وسلامة الطرق والمكلف بالإشراف على الطريق الدائرى التابع للهيئة العامة للطرق والكباري.
خلال هذا التقرير نستعرض الأسباب الحقيقية التي أدت إلى غرق مدينة القاهرة الجديدة.
رئيس جهاز القاهرة الجديدة: الأمطار تفوق القدرة الاستيعابية لشبكات الصرف
رئيس جهاز القاهرة الجديدة، المهندس مصطفى فهمي، قال إن سبب غرق شوارع المدينة هو كثرة مياه الأمطار التي تفوق القدرة الاستعابية لشبكات الصرف، لافتًا إلى أنه في اللحظات الأولى لسقوط الأمطار على المدينة، مساء الثلاثاء، انقطع التيار الكهربائي عن بعض المناطق في المدينة، ما أدى إلى تعطل شبه كامل في الروافع داخل محطات الصرف، الأمر الذي نتج عنه تراكم المياه في الشوارع بهذا الشكل.
وأضاف فهمي، أن المدينة جرى تخطيطها بشكل منظم، ولكن لا توجد بها شبكات صرف لمياه الأمطار، مشيرًا إلى أن مياه الأمطار الغزيرة أكبر من القدرة الاستيعابية لشبكات الصرف، وجرى السيطرة على 70% من مياه الأمطار، في الساعات الأولى للأمطار، بينما تواجد ما يقرب من 30% فقط في الشوارع.
وتابع، أنه تم الاستعانة بأكثر من 37 سيارة لشفط المياه، وكانت هذه العربات تجوب المناطق الأكثر خطورة واحتياجًا ثم الأقل، وجرى التخلص من المياه في شبكات الصرف الصحي للمدينة، منوهًا إلى أن ما حدث في القاهرة الجديدة سيجعلنا نعيد دراسة موقف المدينة ككل من حيث احتياجها من شبكات المياه والصرف الصحي، وحال احتياجنا لخطة تطوير سيجري عرضها على وزير الإسكان للموافقة عليها وتنفيذها في أسرع وقت.
وذكر رئيس الجهاز، أن شبكة الطرق في المدينة أُنفق عليها مليارات الجنيهات، ومخططة بشكل جيد، لكن وفقًا للطبيعة الجغرافية للمدينة، فإن الطرق كلها ليست في مستوى واحد، الأمر الذي انعكس على تراكم المياه في بعض الطرق، بعد عدم استيعاب شبكة الصرف هذه المياه.
شركة شمال القاهرة: الكهرباء لم تنقطع طوال الأزمة.. و"مياه الشرب والصرف" هي المسؤولة
المحور الثاني لأزمة غرق القاهرة الجديدة تمثل في اتهام شركة شمال القاهرة بقطع التيار الكهربائي عن محطات الصرف وبعض المناطق لمدة كبيرة، لكن المهندس ناجي عارف رئيس شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، نفى حدوث أي انقطاع كهربائي لشبكات الصرف والروافع.
وقال ناجي، إن كل المناطق الحيوية في المدينة بها مصدرين للكهرباء بجانب مولد احتياطي، وجميع شبكات المياه والصرف الصحي والمستشفيات والسنترالات بها مصدران للكهرباء، ولا يمكن أن ينقطع عنها التيار أبدًا، لافتًا إلى أن أطول مدة تم قطع الكهرباء فيها كانت عبارة عن 15 دقيقة فقط.
وتابع رئيس شركة شمال القاهرة لتوزيع الكهرباء، أنه تم الدفع بمولدات للمناطق التي كانت تحتاج إلى تيار كهربائي، وتعاونا بشكل كبير مع المسؤولين في جهاز مدينة القاهرة الجديدة، منذ اللحظات الأولى لسقوط الأمطار، وتواجدت فرق من الصيانة على مدار الساعة وقيامها بتأمين الأكشاك والأسلاك الكهربائية، خوفًا من تأثير المياه عليها، الأمر الذي قد يعرض حياة المواطنين للخطر أو الموت صعقًا بالكهرباء.
وبرر "ناجي" هذه الأزمة بالقول: "مدينة القاهرة الجديدة لو كان يوجد بها شبكات لصرف الأمطار بجانب تصميم الشوارع بشكل به بعض الميول، لما حدثت هذه الأزمة وتفاقمت حتى وصلت لما شاهدناه"، لافتًا إلى أن كل من ينتقد شركة شمال الكهرباء بالتسبب في الأزمة أشخاص غير مختصين، ولا يعرفون شيئًا عن محطات الكهرباء.
وحمَّل "ناجي"، شركة مياه الشرب والصرف الصحي، المسؤولية عن هذه الأزمة، خصوصًا أنها كانت مسؤولة عن هذا الجزء من نشأة المدينة عام 2001، قائلًا إن جهاز القاهرة الجديدة لم يكن مسؤولًا عن هذه الشبكات إلا بعد صدور قرار من وزير الإسكان بتبعية هذه الشبكات لجهاز المدينة بدلًا من شركة المياه والصرف الصحي بداية من فبراير الماضي.
مصدر داخل شركة المياه: لم يستجب أحد لمطالب تطوير شبكة الصرف.. ونحتاج ملياري جنيه للمدينة بالكامل
فيما كشف مصدر خاص داخل شركة المياه والصرف الصحي، أن الشركة في الفترات الأخيرة، طالبت هيئة المجتمعات العمرانية والمشرفة على كل المدن الجديدة، بتجديد شبكات المياه والصرف الصحي نتيجة زيادة عمليات النمو بها، لكن دون جدوى.
وقال المصدر، إن تصميم شبكات الصرف في القاهرة الجديدة منذ نشأتها لم يكن على مستوى عالٍ، لافتًا إلى أن شبكة الصرف في مدينة القاهرة الجديدة و6 أكتوبر والشيخ زايد تحتاج إلى إعادة تطوير وتأهيل.
وأضاف: "في القاهرة الجديدة يوجد ما يقرب من 20 محطة رفع، وكنتيجة لعمليات النمو والتوسعات في المدينة، تحتاج ما يقرب من 20 محطة رفع أخرى"، منوهًا إلى أن تصميم محطات الرفع في القاهرة الجديدة بها خطأ كبير لا بد أن يتم تداركة في الفترة المقبلة، وهو ارتباط المحطات ببعضها، ما يعني أنه لو تعطلت أي محطة تتعطل باقي المحطات، فضلًا عن ضرورة مواجهة توصيل الكهرباء لهذه المحطات، وقدرتها على العمل في وقت الظروف الصعبة.
وأوضح المصدر، أن تطوير شبكة الصرف بالكامل داخل القاهرة الجديدة يحتاج ما يقرب من ملياري جنيه، يتم في مدة تصل إلى 3 سنوات، مع مراعاة تنفيذ محطات للمياه والصرف الصحي بشكل يراعي ظروف المدينة الجغرافية.
(مصراوي)