بعد "حرب الـ12 يومًا".. ما المصير الحقيقي "للقنبلة النووية الإيرانية؟"

في أعقاب الهجمات الجوية التي شنتها الولايات المتحدة بالتعاون مع إسرائيل على منشآت نووية إيرانية، طفت على السطح تساؤلات حادة بشأن مدى فعالية هذه الضربات في تدمير برنامج طهران النووي.

وبينما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن العملية أسفرت عن "تدمير كامل" للقدرات النووية الإيرانية، تشير تقييمات استخباراتية أولية إلى نتيجة أكثر تحفظًا.

فبحسب مسؤولين أمريكيين، فإن الغارات استهدفت ثلاث منشآت رئيسية، وأعاقت بالفعل أنشطة التخصيب النووي لبضعة أشهر، لكنها لم تقضِ عليها بالكامل.

كما أظهرت اتصالات اعترضتها واشنطن بين مسؤولين إيرانيين كبار أن طهران ترى أن الهجمات كانت أقل ضررًا مما كان متوقعًا.

النووي لم يختفِ

من جانبه، صرح رافائيل جروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران تحتفظ بالقدرة التقنية لاستئناف تخصيب اليورانيوم، محذرًا من أن "المعرفة لا تُقصف"، وأن إيران قادرة على إعادة تشغيل بعض أجهزة الطرد المركزي خلال أشهر قليلة.

وأضاف جروسي في مقابلة مع شبكة"CBS" أن المزاعم بشأن "القضاء التام" على البرنامج النووي الإيراني غير دقيقة، داعيًا إلى استئناف المسار الدبلوماسي وتكثيف المفاوضات.

وأكد: "لا يمكن الادعاء بأن كل شيء قد اختفى".

وفي واشنطن، أصبح تقييم نتائج العملية العسكرية موضع شد وجذب سياسي.

فبينما دافع ترامب عن قراره وهدد بإعادة القصف إذا ما اقتربت إيران من تحقيق "اختراق نووي".

عبّر مسؤولون في البنتاجون عن استيائهم من التسريبات الإعلامية.

وتوعّد محامو ترامب بمقاضاة وسائل الإعلام التي نشرت تقارير استخباراتية حساسة، مثل "نيويورك تايمز" و"سي إن إن" الأمريكية.

تقليص التعاون

في طهران، ردت القيادة الإيرانية بتحدٍ، حيث أعلن المرشد الأعلى علي خامنئي أن بلاده "صفعت أمريكا"، في إشارة إلى إطلاق صواريخ رمزية تجاه قواعد أمريكية في قطر لم تُسفر عن أضرار.

كما صادق البرلمان الإيراني على تشريعات لتعليق التعاون مع مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو ما أثار قلق المجتمع الدولي، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

ويحذّر محللون تحدثوا إلى الصحيفة الأمريكية من أن إيران قد ترد بانسحاب كامل من معاهدة حظر الانتشار النووي، في وقت لم توقع فيه إسرائيل أصلًا على الاتفاقية، ما يفتح الباب أمام سباق تسلح نووي إقليمي.

الدول تتوسع نوويًا

ويشير خبراء "وول ستريت" إلى أن طهران لا تزال تملك ما يكفي من المواد المخصبة بنسبة 60%، وهي على بُعد خطوات فنية قليلة من إنتاج يورانيوم مخصب بنسبة 90%، اللازم لصنع سلاح نووي.

وكتب جيمس أكتون، الخبير في مؤسسة كارنيجي للسلام، أن "سلسلة واحدة من أجهزة الطرد المركزيIR-6 يمكنها إنتاج قنبلة خلال أقل من 3 أسابيع".

ومع أن الغارات الإسرائيلية استهدفت علماء ومنشآت نووية، إلا أن جروسي شدد على أن "القدرة الصناعية والمعرفة ما زالت موجودة، ويبقى القرار بيد القيادة السياسية في طهران".

فيما، ترى دوائر بحثية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كان يهدف من الحملة العسكرية إلى جر الولايات المتحدة نحو صراع طويل لتغيير النظام في طهران، وهو ما لم يتحقق، إذ أعلن ترامب وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار بعد الضربة الأولى، لكن نتنياهو نجح، وفقًا لمحللين، في ترسيخ فكرة أن "إسرائيل قادرة على مهاجمة إيران متى شاءت"، ما يمثل تحولًا استراتيجيًا في ميزان الردع الإقليمي.

تصدّع النظام العالمي

وبالتوازي مع التصعيد في الشرق الأوسط، يشهد النظام العالمي لعدم الانتشار النووي تصدّعًا مقلقًا، فالاتفاقيات بين موسكو وواشنطن على وشك الانتهاء، بينما تواصل الصين وكوريا الشمالية توسيع ترساناتهما، كما تفكر دول حليفة للولايات المتحدة – مثل كوريا الجنوبية، والسعودية، وألمانيا – في تطوير برامج نووية خاصة بها.

ويحذّر خبراء من أن هذا الاتجاه ينذر بـ"إعصار نووي من الفئة الخامسة"، ما يُنذر بفوضى استراتيجية، تهدد استقرار النظام العالمي، وقد تعيد عقارب الساعة إلى أيام الحرب الباردة – لكن في عالم أكثر تعددًا وأقل انضباطًا.

 

التعليقات