بشرى لمرحلة جديدة.. 4 أفلام عربية "على أعتاب الأوسكار"

في إنجاز غير مسبوق يعكس التحولات العميقة التي تشهدها السينما العربية، أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة عن وصول أربعة أفلام عربية من تونس وفلسطين والأردن والعراق إلى القائمة القصيرة لفئة أفضل فيلم دولي في جوائز الأوسكار 2026، ضمن قائمة تضم 15 فيلمًا تمثل نخبة الإنتاج السينمائي العالمي.

هذا الحضور العربي المكثف لا يقتصر على عدد الترشيحات فحسب، بل يحمل دلالات فنية وسياسية وثقافية عميقة، تؤكد أن السينما العربية لم تعد على هامش الجوائز الكبرى، بل أصبحت شريكًا فاعلًا في صياغة الخطاب السينمائي الدولي.

من غزة إلى بغداد

تنوعت التجارب السينمائية العربية المرشحة بين توثيق المأساة الإنسانية في غزة عبر فيلم "صوت هند رجب" للمخرجة كوثر بن هنية، واستعادة التاريخ الفلسطيني في "فلسطين 36" للمخرجة آن ماري جاسر، إلى قراءة إنسانية مؤثرة في "اللي باقي منك" لشيرين دعيبس، وصولًا إلى تصوير الواقع العراقي القاسي من منظور طفلة في فيلم "كعكة الرئيس" للمخرج حسن هادي.

وتكشف هذه الأفلام عن قدرة السينما العربية على تحويل الألم والذاكرة الجمعية إلى سرد بصري إنساني، تجاوز الحدود الجغرافية ولامس وجدان النقاد والجمهور العالمي، في لحظة تاريخية تشهد إعادة طرح أسئلة العدالة والهوية والإنسانية.

نجاحات تمهد للأوسكار

ولا يأتي هذا الإنجاز كصدفة عابرة، بل نتيجة مسار فني متصاعد، تُوِّج بعام استثنائي من النجاحات في كبرى المهرجانات الدولية مثل كان وفينيسيا وتورونتو، حيث حصدت الأفلام العربية إشادات نقدية وجوائز مهمة، عززت من حضورها في سباق الأوسكار.

ويكتسب هذا التقدم أهمية مضاعفة لكونه يعكس قدرة السينما العربية على طرح قضاياها التاريخية والإنسانية، وعلى رأسها السردية الفلسطينية، بلغة سينمائية مبتكرة قادرة على مخاطبة العالم دون فقدان الخصوصية الثقافية.

مؤشر على مرحلة جديدة

من جهته، وصف الناقد السينمائي طارق الشناوي، وصول أربعة أفلام عربية إلى القوائم المتقدمة للأوسكار بأنه حدث استثنائي في تاريخ السينما العربية، مشيرًا إلى أن هذا العدد لم يتحقق منذ عام 1958.

وأوضح الشناوي أن اللافت في هذه الدورة هو أن جميع الأفلام العربية المشاركة سبق أن حصدت جوائز كبرى في مهرجانات عالمية مرموقة، ما يعكس معيارًا واضحًا للاختيار والاعتراف الدولي.

وأشار إلى أن فيلم "صوت هند رجب" فاز بجائزة الأسد الفضي في مهرجان فينيسيا، بينما نال الفيلم العراقي "كعكة الرئيس" جائزة العمل الأول في مهرجان كان، مؤكدًا أن هذه الجوائز تمنح الأفلام ثقلًا حقيقيًا يؤهلها للوصول إلى قوائم الأوسكار.

وأضاف أن هذه التجارب تقدم درسًا مهمًا للسينما العربية، مفاده أن الطريق إلى الأوسكار يبدأ من المنصات الدولية الكبرى، وأن العالمية لا تعني التخلي عن الخصوصية الثقافية.

وكشف الشناوي أنه شاهد فيلم "كعكة الرئيس" في مهرجان كان، معربًا عن دهشته لعدم مشاركته في أي مهرجان عربي رغم أهميته الفنية، مؤكدًا أن دولًا مثل العراق والأردن، رغم حداثة تجربتهما السينمائية، أثبتتا قدرتهما على القفز مباشرة إلى منصات الجوائز العالمية.

واختتم الشناوي تصريحاته بتهنئة السينما العربية على هذا الحضور غير المسبوق، معتبرا إياه مؤشرًا على مرحلة جديدة أكثر نضجًا وتأثيرًا.

 

التعليقات