فى المجمل جمهور الرياضة ليس دائما على صواب، ومع ذلك فإن الصورة التى بدا عليها جمهور الزمالك فى مباراة السوبر المصرى السعودى بدت أفضل من كثيرين يقودون ناديهم الكبير ومن اتحادات الكرة والرياضة فى بلادنا.

صحيح أنه لا يوجد جمهور مثالى مثلما لا يوجد أيضا شعب مثالى، فهناك دائما أشخاص سيئون وخارجون عن القانون حتى لو كانوا أقلية، فى مقابل غالبية على الفطرة السليمة ويحتاجون فقط لدولة قانون عادلة تنظمهم وتحاسب الخارجين عن القانون منهم.

والمؤكد أن جمهور الزمالك له قدرة على التحمل والصبر لم يعرفها جمهور غيره، فهو جمهور النادى الثانى من حيث الشعبية وعدد البطولات المحلية والعربية والقارية، أى أنه لا يتوقع أن يفوز بالدورى، وحتى لو فاز بالكأس فهو غالبا يلى النادى الأهلى، وبالتالى فإن نفسية هذا الجمهور اعتادت ألا تكون رقم واحد فى البطولات، وتعايشت غالبيتها الساحقة مع هذا الواقع حتى أصبحت تحمل أكثر من غيرها «جينات» التحمل والصبر لأنها تنتمى لنادٍ كبير ليس على الهامش ولكنه ليس الأول.

مأساة هذه الجماهير الوفية أنها ابتليت بنماذج سيئة فى الإدارة وفى الأخلاق، واجهتها بصور مختلفة، معظمها متحضر وقانونى وقلة منها خارج إطار القانون. وفى كلا الحالتين لم تستطع أن تحاسب هذه النماذج بالقانون.

إن هناك شهداء سقطوا فى دار الدفاع الجوى نتيجة سوء التنظيم والإدارة، وهناك شتائم وبذاءات تعرض لها كثير من رموز نادى الزمالك يندى لها الجبين، ومرت دون حساب، وهناك أحكام قضائية أهدرت ولم تنفذ لأن البلطجة كانت أقوى من دولة القانون.

جمهور الزمالك العظيم الوفى ظهر بكثافة وبتحضر فى مباراة السوبر المصرى السعودى، التى فاز بها الزمالك وأثلج صدور الجماهير المصرية، هذا الجمهور العظيم هتف فى الدقيقة 20 و74 لشهداء الرياضة فى بورسعيد ودار الدفاع الجوى وغيرهما، ورد بحسم ونبل على من تصوروا أنه يمكن لدمائهم أن تكون محل مساومة، وأن تباع أو تشترى حتى لو كان هناك حكم قضائى عادل بالقصاص.

جمهور الزمالك العظيم هتف لحازم إمام «ابن الأصول» وأحد أكثر رموز النادى احتراما وشعبية عقب انتهاء مباراة السوبر، أمس الأول، ردا على إلغاء عضويته من النادى.

كل ضحايا البذاءة والاتهامات الباطلة لا يعدوا ولا يحصوا ومع ذلك لم يستطيعوا جميعا أن يأخذوا حقهم بالقانون، وبات الأمر محزنا ومؤسفا أن ينتظر الكثيرون تنفيذ قرارات مؤسسة دولية من خارج الحدود كالاتحاد الأفريقى لتبدأ الدولة فى الالتفات لخطورة ما يجرى.

رسالة جمهور نادى الزمالك عظيمة فى دلالاتها، فهى تأكد لنا أن الشعب لا يقبل هذه النماذج ويرفض هذا الانحطاط ويريد الأفضل رغم كل الصعوبات.

(المصري اليوم)