مصر والمونديال وحرب الشيشان
لا أتمنى بل أطالب هانى أبوريدة، رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم، بعقد مؤتمر صحفى داخل الفيفا يشرح فيه لماذا اختارت مصر مدينة جروزنى مقرا لإقامتها أثناء مشاركتها فى نهائيات المونديال الروسى المقبل.. فقد بدأ اسم هذه المدينة يتردد فى إعلام العالم طيلة الأيام القليلة الماضية باعتبارها المدينة الروسية التى لا تبدى أى احترام لحقوق الإنسان.. ومن الواضح أن عاصمة الشيشان ستصبح.. أو أصبحت بالفعل.. الساحة الجديدة للصراع الدولى بين الغرب وروسيا.. فالحكومات الغربية، بكل أسلحتها الإعلامية الثقيلة، قررت وأعلنت الحرب على جروزنى وكل قادة إقليم الشيشان باعتبارهم أعداء لحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.. وأغلب الظن أن طبول هذه الحرب ستزداد صخبا وضجيجا كلما اقتربنا من المونديال الذى تريده روسيا لتحسين صورتها فى عيون العالم وهو ما لا يريد الغرب أن تنجح فيه موسكو وأخواتها.. ووسط ساحة تلك الحرب.
بدأ اسم مصر يتردد فى أكثر من مكان باعتبارها الوحيدة من بين الدول المشاركة فى المونديال التى اختارت جروزنى بالتحديد مقرا لإقامة منتخبها.. وكلما ازدادت مساحة هذه الحرب وتعددت أسلحتها.. سيكثر ترديد اسم مصر، وستتوالى محاولات الزج بها وسط هذه الحرب.. وإذا كانت تاتيانا لوكشينا.. مديرة منظمة حقوق الإنسان فى روسيا.. قد تساءلت، منذ أيام، عن سبب اختيار مصر لمدينة جروزنى التى لم تكن فى الأصل مطروحة ضمن المدن التى لها أى دور فى فعاليات هذا المونديال.. فمن المؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد كثيرين يكررون نفس هذا السؤال.. وهو ما يجعلنى أطالب هانى أبوريدة بهذا المؤتمر الصحفى ليس فقط من أجل الإجابة عن هذا السؤال.. ولكنه مؤتمر لتوضيح الموقف المصرى وأن مصر ليست طرفا فى أى صراع سياسى أو كروى.. محلى فى روسيا أو أوروبى ودولى.. وأن اختيار الاتحاد المصرى لكرة القدم لمدينة جروزنى كان اختيارا كرويا فقط وليست له أى دوافع أو حسابات سياسية.. فمصر ذاهبة إلى روسيا لتشارك فى بطولة لكرة القدم يتمنى كل المصريين أن يبدو منتخبهم خلالها بمظهر لائق وأداء يسعد المصريين ويرضى كبرياءهم واعتزازهم الكروى.. لكن مصر لن تسافر إلى روسيا لكى تخوض حربا ضد أى أحد أو دولة أو هيئة وليست على استعداد أيضا لأن تدفع فواتير لا تخصها وثمن صراعات لم تبدأها ولا تريدها مصر الكروية والسياسية أيضا.. وليس من الصواب تجاهل هذا الأمر والسكوت كأن مصر لا تملك الإجابة عن أسئلة الغرب وشكوكه وملاحظاته.. وقد يكون ثمن هذا السكوت فادحا وغاليا سواء سياسيا أو سياحيا، وهو ما يعنى أنها لم تعد مهمة الاتحاد المصرى لكرة القدم فقط.. إنما هى مهمة الدولة المصرية نفسها ممثلة فى وزارة الرياضة ووزارة السياحة والهيئة العامة للاستعلامات أيضا.. ولابد أن تقرر مصر سريعا هل سيبقى منتخبها فى جروزنى أم ينتقل إلى مدينة أخرى حتى لا يتحول الأمر سريعا إلى صدام سواء مع الفيفا أو روسيا أو الغرب كله.