وتأخذ الدولة التي سيعمل فيها السفير المرشح وقتها في فحص الاسم، ومن حقها في النهاية أن ترفضه وتطلب ترشيح اسم آخر، إذا رأت أن في تاريخه الشخصى أو المهنى ما يبعث على عدم الطمأنينة.. وفى الغالب يتم قبول الأسماء المرشحة بين الدول إلا في حالات قليلة معدودة.

ولا يتوقف الأمر عند رفض اسم مرشح قبل إرسال صاحبه، وإنما قد يصل إلى حد رفض بقاء السفير نفسه بعد أن يكون قد قضى فترة في البلد.. وقد حدث هذا قبل سنوات قليلة، عندما رفضت دولة عربية أن يستكمل سفير دولة عربية أخرى فترته المتبقية على أرضها، وطلبت رحيله إلى بلاده بسرعة، ورحل بالفعل قبل انتهاء مدته، ولا تزال قصته مروية ومعروفة في الأوساط الدبلوماسية والسياسية!.

والذين يتابعون الأحداث في السودان يعرفون أن الفريق أول عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السودانى، طلب من أنطونى جوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، إرسال مبعوث أممى آخر إلى السودان، بدلًا من المبعوث الحالى فولكر بيرتس.. ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيها البرهان هذا الطلب.

لقد أرسل من قبل يطلب ويكرر طلبه، ولكن الأمين العام للأمم المتحدة كان يتصرف وكأنه لم يسمع بما يطلبه قائد الجيش في السودان!.

وما تقوله العاصمة السودانية عن فولكر خطير لأنها تتهمه بدعم قوات الدعم السريع المتمردة على الجيش الوطنى للبلاد.. غير أن أغرب ما في الموضوع أن الأمين العام للأمم المتحدة أرسل إلى الخرطوم يعلن تثبيت مبعوثه الأممى في موقعه!!.. فكأنه يضرب بطلب قائد الجيش عرض الحائط، أو كأنه يريد لمبعوثه أن يعمل رغم أنف السودانيين، ورغم الإعلان من جانبهم عن أنهم لا يريدونه بينهم!.

والسؤال كالتالى: كيف يقبل الخواجة فولكر بيرتس أن يعمل في عاصمة لا ترحب به، وكيف يمكنه العمل في بلد لا يريده على أرضه.. كيف؟!.. أعتقد أن الأعراف الدبلوماسية تعطى الفريق البرهان مساحة أخرى للحركة، وهذه المساحة هي أنه يستطيع أن يعلن أن المبعوث الأممى إياه «شخص غير مرغوب فيه».. وهو مصطلح في الدبلوماسية يعنى أن على هذا الشخص أن يغادر خلال ساعات، وألا يناقش في الموضوع.

المقال / سليمان جودة 

المصرى اليوم