أخطاء الجميع
Tuesday, April 18, 2023 - 03:23
اشتباكات السودان هي نتاج خيارات خاطئة وقع فيها الجميع، منذ نجاح الثورة السودانية في إبريل ٢٠١٩ في عزل البشير، حيث ارتكب المكون العسكرى والمدنى أخطاء فادحة في إدارة المرحلة الانتقالية يدفع الآن الشعب السودانى ثمنها من دماء أبنائه.
وقد تكون البداية حين أصرت القوى المدنية على تطويل المرحلة الانتقالية عقب تشكيل المجلس السيادى الذي عانى من توزيع رأسى للسلطة على 10 أشخاص هم أعضاء المجلس، بما يعنى أنه يحتاج مواءمات كثيرة حتى يستطيع أن يخرج قرارًا أو إصلاحًا سياسيًّا كبيرًا، في بلد يعانى أزمات اقتصادية عميقة وأيضًا حروبًا وانقسامات سياسية وعرقية وجهوية، وهو ما أدى إلى خلق بيئة تُعمِّق الخلافات، ولا تحلها، إنما تُسكِّنها لأنه لا توجد حكومة منتخبة ولا نظام شرعى اتفق السودانيون على دعمه، إنما نظام ومشروع انتقالى.
وقد ساعدت هذه السيولة قائد المجلس العسكرى، الفريق برهان، على الإقدام على عزل رئيس الحكومة، عبدالله حمدوك، والانقلاب على المسار السياسى، وهو ما أدى إلى عمق الخلاف بين تيار واسع من القوى المدنية وبين المكون العسكرى.
كما ارتكبت القوى المدنية الثورية خطأ آخر، تمثل في تركيزها منذ تشكيل حكومة حمدوك وحتى بعد استقالته، على هدف أساسى تمثل في عزل قيادات النظام القديم والخلط بين مَن ارتكب جرائم دم أو فساد وإفساد، وبين قيادات وسطى وصغرى دخلوا الحزب الحاكم لتحقيق مصالح صغيرة معروفة في كل أحزاب السلطة في العالم العربى، وهو ما خلق مع الوقت حاضنة من بقايا النظام القديم التف بعضها حول المكون العسكرى، وناصبت «الحرية والتغيير» العداء، كما عانت قوى الحرية والتغيير نفسها انقسامات بين المجلس المركزى والكتلة الديمقراطية، وخرج تيار جديد سمى نفسه «قوى التغيير الجذرى»، ورفع شعارات من نوع عدم التفاوض مع المجلس العسكرى، وهو أمر شديد الغرابة، وغير متعارف عليه في كل تجارب الانتقال الديمقراطى، ومضاد أصلًا لقيمة التفاوض، التي مثلت أحد أسباب نجاح الثورة السودانية.
وقد تجاهلت قوى التغيير وجود تيارات شعبية محافظة وتقليدية، وبعضها رحب بتدخل الجيش، مثل المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات في شرق السودان وغيرها.
وركزت قوى الحرية والتغيير والقوى الثورية على ورقة الشارع، التي رغم أهميتها ولولاها لما سقط حكم البشير، إلا أن تحقيق أهداف الثورة لا يتم فقط من خلال الصوت الاحتجاجى، ويتجاهل المهمة الأصعب، وهى بناء مشروع حزبى وسياسى قادر على تقديم حلول جديدة وغير تقليدية لبلد يعانى انقسامًا مناطقيًّا وقبليًّا وأزمة اقتصادية وسياسية عميقة.
هذه الأجواء مهدت الطرق لاشتباكات اليومين الماضيين الدامية، وتبقى أسبابها وتداعياتها هي حديث الغد إن شاء الله.
حفظ الله السودان وأهله.
مقال / عمرو الشوبكى
المصرى اليوم
التعليقات