صلاح ذو الفقار.. بطل الحرب والفن
Wednesday, April 12, 2023 - 17:51
كتب:
ابتسامة تخطف القلب، ووجه يحمل ملامح فارس، وخفة مقاتل، وقوة مناضل، ووسامة فنان، وبساطة مبدع، جمع بين البطولة الوطنية والفنية، بين سمات المجاهدين ونورهم ووسامة النجوم وخفة ظلهم، بطل فى مواجهة العدو ومقاومة الاستعمار، وفى تقديم أجمل الأعمال الفنية وأكثرها قيمة وبقاءً وانتصارًا للجمال والفن فى مقاومة التردى والقبح، لذلك استحق التكريم عن جدارة، فهو البطل الذى واجه الاستعمار فى الملحمة التى سطرتها قوات الشرطة المصرية فى الإسماعيلية عام 1952.
المناضل والمقاوم الذى كافح ضد العدوان الثلاثى فى 1956، وهو الفنان الذى احترم فنه وجمهوره واستمر عطاؤه الفنى حتى آخر يوم فى حياته، لذلك استحق الفنان والمناضل الكبير صلاح ذو الفقار التكريم من الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى كرم اسمه بمناسبة احتفالات عيد الشرطة منذ أيام.
هو النجم الكبير الذى دخل قلوب الملايين وأحبه الجمهور فى كل أعماله الفنية، فهو الضابط حسين خفيف الظل فى «رد قلبى»، والضابط كمال فى فيلم الرجل الثانى والدكتور حمودة «بتاع حتى» فى فيلم الأيدى الناعمة، وعيسى العوام فى الناصر صلاح الدين، وحسين فى مراتى مدير عام، وأحمد فى «أغلى من حياتى»، وصالح فى «عفريت مراتى»، وغيرها عشرات الأدوار التى أبدع فيها الفنان صلاح ذو الفقار واستحوذ على القلوب.
وقبل أن تتفجر هذه الإبداعات الفنية قام الفنان الكبير بأدوار وطنية عظيمة حين كان ضابطًا يقاوم المستعمر بالسلاح فى ساحات المعارك فى معركة الإسماعيلية، وفى مواجهة العدوان الثلاثى.
اسمه بالكامل صلاح الدين أحمد مراد ذو الفقار، ولد فى مدينة المحلة الكبرى فى 18 يناير عام 1926، والده الأميرالاى «عميد» أحمد مراد بك ذوالفقار أحد كبار رجال وزارة الداخلية، ووالدته نبيلة هانم ذو الفقار، وكان صلاح الأخ الأصغر لأربعة أشقاء هم «محمود - عز الدين - كمال - ممدوح».
وفى أحد البرامج الإذاعية تحدث الفنان الكبير صلاح ذو الفقار عن نشأته، فقال إنه نشأ فى شارع رشيد بمصر الجديدة، ثم انتقل للعيش فى العباسية والتحق بمدرسة العباسية الابتدائية ثم المرحلة الثانوية فى مدرسة القبة الثانوية، وظل فيها عامين ثم انتقل لمدرسة فاروق الأول الثانوية التى أصبح اسمها فيما بعد مدرسة العباسية النموذجية.
كان صلاح ذو الفقار يذهب لمشاهدة تصوير الأفلام وهو صغير مع أشقائه الكبار المخرجين محمود ذو الفقار وعز الدين ذو الفقار وظهر فى فيلمين، وهو فى مرحلة المراهقة مع شقيقه الأكبر محمود ذو الفقار، وفى عام 1955 حاول المخرج عز الدين ذو الفقار إقناع شقيقه الضابط بالتمثيل، ولكن بحكم طبيعة عمله كان صلاح يرى استحالة موافقة وزارة الداخلية على عمله فى السينما، ولكن مع إلحاح شقيقه عز الدين عليه للتمثيل فى السينما وترشيحه لدور البطولة أمام الفنانة شادية فى فيلم عيون سهرانة، وافق صلاح وقدّم طلبا لوزير الداخلية وبالفعل حصل صلاح ذو الفقار على تصريح استثنائى من وزير الداخلية للعمل فى هذا الفيلم.
وحينها بدأ صلاح ذو الفقار فى تلقّى دروس الإلقاء على يد الفنان عبدالرحيم الزرقانى، وكان فيلم عيون سهرانة عام 1956 أول أفلامه السينمائية، وبعده قام صلاح ذو الفقار بأداء دور «حسين» ابن الريس عبدالواحد فى فيلم رد قلبى عام 1957، وحقق نجاحًا كبيرًا وجذب الأنظار لموهبة صلاح ذو الفقار وخفة ظله، وانهالت عليه الأفلام بعد فيلم رد قلبى ولم يجد مفرًا سوى الاستقالة من وزارة الداخلية، وبالفعل تقدم باستقالته، وتمت الموافقة عليها فى 27 يونيو 1957، ولكن نظرًا لسجله الحافل فى أحد عشر عامًا وهى فترة خدمته بالشرطة، تم ترقية صلاح ذو الفقار لرتبة مقدم وإحالته للمعاش بقرار استثنائى من وزير الداخلية.
وفور خروجه من الشرطة، عُيّن صلاح ذو الفقار مديرًا تنفيذيًا لمنظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية والتى كان رئيسها محمد أنور السادات، فى ذلك الوقت، وسكرتيرها يوسف السباعى، لكنه لم يستمر طويلًا فى المنصب لانشغاله بإدارة شركة الإنتاج التى أسسها مع شقيقه عز الدين.
وكما سجل صلاح ذو الفقار بطولات وطنية فى ساحات المعارك والنضال ضد القوى الاستعمارية، سجل اسمه أيضًا بحروف من نور فى تاريخ الدراما والسينما والمسرح والتليفزيون بأعمال كتب لها الخلود والبقاء فى وجدان الملايين فى مصر والعالم العربى، وأصبح أحد أبرز نجوم الفن فى تاريخ السينما المصرية خلال مسيرة فنية حافلة استمرت سبعة وثلاثين عامًا.
تعددت وتنوعت أدوار صلاح ذو الفقار فى السينما وحققت أفلامه نجاحًا كبيرًا كممثل ومنتج ولُقِّب بالعبقرى، وشارك نجمات السينما المصرية فى عصرها الذهبى العديد من الأعمال، كما حصل على العديد من الجوائز والتكريمات عن أدواره فى السينما طوال مشواره الفنى.
وبعد فيلم رد قلبى شارك ذو الفقار فى فيلم جميلة للمخرج يوسف شاهين عام 1958، ونال استحسان الجمهور والنقاد، وحقق نجاحًا كبيرًا، وفى عام 1959 قدَّم 6 أفلام منها فيلم نساء محرمات للمخرج محمود ذو الفقار وحب حتى العبادة للمخرج حسن الإمام ثم بين الأطلال و«الرجل الثانى» للمخرج عز الدين ذو الفقار الذى حقق له انطلاقة فنية كبيرة وضعته ضمن مصاف كبار نجوم عصره، وبدأ بعدها مرحلة جديدة فى حياته الفنية وزاد تألقه فى الستينيات والسبعينات، حيث قدم أهم أعماله الفنية، ومنها «الناصر صلاح الدين»، كما كون ثنائيًا فنيًا مع الفنانة شادية واشتركا فى العديد من الأفلام الرومانسية والكوميدية، وجمعتهما قصة حب طويلة توجت بالزواج، وتشاركا فى عدد من الأفلام التى حققت نجاحًا كبيرًا، ومنها عفريت مراتى، مراتى مدير عام، أغلى من حياتى، كرامة زوجتى، لمسة حنان، كما قدم مع نيللى فيلم صباح الخير يا زوجتى العزيزة، وموعد فى البرج مع سعاد حسنى، زوج فى إجازة مع ليلى طاهر، وشارك فى العديد من الأعمال المسرحية، ومنها «رصاصة فى القلب»، القضية رقم واحد، الزلزال، صديقى اللص، رجل لكل بيت، عازب وثلاث عوانس، روبابيكيا، وغيرها.
وكون صلاح ذو الفقار بمشاركة شقيقه عز الدين ذو الفقار شركة إنتاج، وكان أول إنتاجهما فيلم «بين الأطلال» عام 1958، وأنتج عددا من روائع السينما، حتى أنه أنتج أفلامًا لم يشارك فيها ومنها ما دخل فى قائمة أفضل 100 فيلم فى السينما المصرية ومنها فيلم صراع الأبطال الذى قام ببطولته شكرى سرحان وسميرة أحمد، وقد تم اختيار عشرة من أفلام صلاح ذو الفقار كممثل وخمسة من أفلامه كمنتج فى قائمة أفضل 100 فيلم مصرى.
وكان الفنان الكبير يتمنى تقديم عمل فنى يدون فيه بطولات مصر وإظهارها أمام العالم أجمع، لكن القدر لم يمهله لإظهار مشروعه للنور.
التعليقات