الحوار قبل أي قانون
ليس عيبًا التراجع عن قانون تم اكتشاف عدم صحته وجدواه.. وإلغاء قانون خاطئ أفضل كثيرًا من التمسك به بدعوى المحافظة على كبرياء زائف.. وكلام آخر كثير قالته سيندى بارلو كون، رئيسة الاتحاد الأمريكى لكرة القدم، فى اليومين الماضيين، لتشرح لماذا قرر الاتحاد الأمريكى يوم السبت الماضى إلغاء قانون تم إقراره عام 2017 يمنع لاعبات ولاعبى المنتخبات الأمريكية من الركوع أثناء عزف السلام الوطنى الأمريكى ويعاقب كل من يقوم بذلك.. وكانت اللاعبة الأمريكية الشهيرة ميجان رابينوى هى التى بدأت ذلك فى مباراة بالدورى الامريكى فى 4 سبتمبر 2016 تضامنًا مع اللاعب كولين كوبرنيك حين طالب بالعدالة والمساواة بين البيض والسود فى المجتمع الأمريكى.. وعادت ميجان وكررت ذلك فى مباراة دولية أمام تايلاند فى 15 سبتمبر 2016.
ولأنها لم تكن مجرد لاعبة إنما نجمة كبيرة وقائدة لمنتخب بلادها الفائز بالذهب فى دورة لندن الأوليمبية 2012، وكأس العالم 2015.. فقد كان لاحتجاجها دوى هائل داخل الأوساط الرياضية والإعلامية الامريكية.. وبدأت لاعبات ولاعبون كثيرون تقليدها، فأصدر الاتحاد الأمريكى لكرة القدم قانونًا جديدًا يُجرِّم ذلك.. ولم ينجح القانون الجديد فى وقف الاحتجاجات، خاصة بعدما توالت حوادث اعتداء رجال الشرطة البيض على مواطنين سود دون أن ينالهم أى عقاب.. وظل القانون قائمًا وبقيت دوائر الاحتجاجات تكبر وتتسع حتى قرر الاتحاد الأمريكى إلغاء هذا القانون فى يونيو الماضى.. وكان لابد من انتظار انعقاد الجمعية العمومية للكرة الأمريكية لاعتماد ذلك.. وهو ما جرى يوم السبت الماضى دون التفات لبعض المتعصبين الذين تحدثوا أثناء الجمعية العمومية بمنتهى العنصرية.
ولم تستجب لهم سيندى، رئيسة الاتحاد، مؤكدة أنها مع المساواة وضد أى تفرقة، وأنها كانت ترى منذ البداية أن الأفضل هو الإنصات لمطالب اللاعبين وفهم دوافع غضبهم واحتجاجاتهم بدلًا من المسارعة بالتفكير فقط فى قانون يعاقبهم.. فليس أسهل من إصدار القوانين، وليس أسوأ من عقاب يكون هو الحل الوحيد بدلًا من الحوار والفهم والاحتواء.. وعلى الرغم من الانتخابات التى أُجريت فى تلك الجمعية العمومية وأسفرت عن فوز بيل تايلور بمنصب نائب رئيس الاتحاد، الذى كانت سيندى تشغله منذ 2019 قبل أن تتولى الرئاسة 2020 خلفًا لكارلوس كورديرو الذى اضطر للاستقالة بعدما أهان اللاعبات أمام القضاء الأمريكى.. ولاتزال سيندى تواصل علاج كل الجروح الكروية الأمريكية.
(المصري اليوم)