كتاب إسباني يقرأه العالم " لغز كبادوكيا " !

كتب: 

هو كتاب للمفكر الأكاديمي الأسباني "خوان غويتيصولو" الذي قام بمجموعة رحلات إلى الشرق وخاصة المغرب ومصر وتركيا التي تقع فيها مدينة "كبادوكيا" أما كلمة لغاودي فهي اسم فنان برشلوني قديم كان يبحث في قلب أحجار والثلوج عن جوهر الإنسان.. ومن هنا استلهم "غويتيصولو" اسم هذا الفنان ليقدم طرحا حضاريا لأزمة الإنسان المعاصر في رحلته من المادة إلى الروح وكاتبنا مهتم بما يمكن أن نطلق عليه الكتابة في السرديات الحضارية باعتبار أن قصة الإنسان في الكون هي قصة الحضارة كما قال من قبل "ول ديورانت".
إن المؤلف ينتمي إلى ما بعد الحداثة التي تكتشف المشترك الإنساني عبر الإقاليم والثقافات والبيئات في رحلة الذات لمعرفة عالمها بنفسها من خلال قراءة آثار العالم وصور مجتمعاته وأنساق ثقافاته، وقد حاول المؤلف أن يتحرر من الروح الغربية المادية بخاصة أنه عاصر الحرب الأهلية في أسبانيا مما جعله ينفر من الصلف الذهني الغربي الذي يعاني من ازدواجية المعايير حينما ينظر لأوروبا بعين وينظر إلى الجزائر وفلسطين والشيشان بعين مختلفة، وجدير بالذكر أن المؤلف أساسا يعاني اغترابا في "أسبانيا" لأنه كطالوني من جهة وفرنسي الثقافة من جهة أخرى وحينما يذهب إلى أمريكا يشعر أنه لاتيني فهو مختلف في "أمريكا الشمالية" لذلك كرس رحلاته للبحث عن العمق الإنساني الذي يمكن أن يتجلى في رؤية صوفية للعالم وكانت "المغرب" محطة أساسية في مشاهداته وإن كان قد أخذ علي الشرق تقليده للغرب الذي يمكن أن يطيح بشخصيته وهويته الروحية وإن كان قد انبهر بالروح الجمعية التي تقيم علاقات حميمية بين البشر في مراكش (المغرب ) أو في القاهرة، والكتاب يجمع بين المشاهدات المادية والتحليل الحدسي لحياة البشر فيتنقل الكاتب بين ما يراه البصر وما تقرأه البصيرة، وقد خص الكاتب عنوانه بالعلاقة الجدلية بين الفنان البرشلوني لغاودي المغترب في أسبانيا ومدينة كابدوكيا ومعناه بالفارسية "أرض الخيول الجميلة" التي ينظر إليها الكاتب علي أنها محطة مهمة في قوة الشخصية والجمال والخيلاء النفسي للإنسان الواثق، هذه المدينة تكونت من مقذوفات البراكين مثلها مثل الإبداع الذي ينشأ من التجربة الشعورية الإنسانية، وهذا ما يؤكده الكاتب في نهاية عمله أيضا حين يتحدث عن"النص-المدينة"فيدعو الغرباء المعاصرين الذين أستهلكتهم المادية لإعادة قراءة جمال العالم المنعكس في الطبقات الجيولوجية للمدن بعراقتها وثقافتها،وكأن الكتاب يستلهم الأمر القرآني "اقرأ" ليحثنا علي المعرفة والتفاهم ويعيد صياغة العلاقة بين الشرق والغرب.
الكتاب ترجمة الأستاذة هيام عبده عن الأسبانية مباشرة،ومراجعة وتقديم الأستاذة الدكتورة نادية جمال الدين التي سبق أن حصلت علي جائزة الدولة في مصر عندما ترجمت كتاب"المتاهة" للمفكر المكسيكي"أوكتافيو باث" وقد صدر الكتاب في نهاية عام 2011 عن المركز القومي للترجمة في القاهرة.


 

التعليقات