حكاية "الحرب الباردة الجديدة".. صواريخ أمريكية متطورة تحاصر الصين

كشفت وكالة الأمن القومي التايوانية، خلال عرض علني عن المواقع الدقيقة التي نشرت فيها -أو تخطط لنشرها- كل من اليابان والفلبين، الحليفتين الرئيسيتين للولايات المتحدة، صواريخ متطورة مضادة للسفن في محيط الصين، في خطوة تعكس تصاعدًا غير مسبوق للتوترات الإقليمية.

جزر إستراتيجية لمحاصرة بكين

أوضحت وكالة الأمن القومي التايوانية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء المركزية الحكومية، أن التوسع العسكري الصيني المتسارع بات يهدد أمن دول الجوار، ما أدى إلى خلق بيئة إستراتيجية مترابطة تشمل بحر الصين الشرقي والجنوبي ومضيق تايوان.

وأشار التقرير إلى تنامي الإرادة المشتركة لـ"الردع الجماعي" بين شركاء واشنطن في المنطقة، الذين يوقعون اتفاقيات أمنية متبادلة لتعزيز ما يعرف بـ"سلسلة الجزر الأولى"، وهي سلسلة جزر تمتد من اليابان إلى إندونيسيا، ويعتبرها البنتاجون حاسمة لاحتواء القوات الصينية خلال أي صراع محتمل.

منظومات أمريكية على الخطوط الأمامية

كشف تقرير صحيفة "نيوزويك" أن الجيش الأمريكي نشر منظومة "تايفون" الصاروخية متوسطة المدى في مقاطعة زامباليس بالفلبين خلال أبريل 2024، ثم في محافظة ياماجوتشي اليابانية في سبتمبر 2025، وذلك ضمن مناورات عسكرية مشتركة.

وتمتلك هذه المنظومة قدرة على إطلاق صواريخ "توماهوك" الموجَّهة التي يمكنها ضرب أهداف على طول الساحل الشرقي للصين، إضافة إلى صواريخ اعتراضية من طراز SM-6، ما أثار قلقًا صينيًا شديدًا، ودفع بكين إلى وصف هذه الخطوة بأنها "تهديد للاستقرار الإقليمي".

كما نقلت واشنطن منظومة NMESIS البحرية المتنقلة، التي تطلق صواريخ بحرية خفية مضادة للسفن، إلى مقاطعة باتانيس الفلبينية الشمالية الواقعة في قناة باشي الإستراتيجية بين الفلبين وتايوان، وهي نقطة اختناق حيوية يجب أن تمر عبرها السفن الحربية الصينية للوصول إلى المحيط الهادئ.

ثم أعيد نشر المنظومة نفسها في محافظة أوكيناوا اليابانية سبتمبر الماضي لتدريب مشاة البحرية الأمريكية على تعزيز قدراتها البرية المضادة للسفن.

سباق تسلح

اعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، لين جيان، في تصريحات سابقة ردًا على تقارير عن رغبة الفلبين في شراء منظومة "تايفون"، أن مثل هذه الخطوة "استفزازية وخطيرة للغاية، وخيار غير مسؤول على الإطلاق تجاه شعبها وشعوب جنوب شرق آسيا وتجاه التاريخ والأمن الإقليمي".

وفي المقابل، أشارت خدمة الأبحاث بالكونجرس الأمريكي، في تقرير صدر سبتمبر الماضي، إلى أن الصين وروسيا تعدان نشر بطاريات صاروخية متوسطة المدى في الفلبين ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ "مزعزعة للاستقرار"، لكنها أقرت بأن هذه المنظومات تسهم فعليًا في عمليات الردع الإقليمية.

أسلحة فائقة السرعة

في سياق الخطط المستقبلية، أفادت وكالة الأمن القومي التايوانية بأن الفلبين تعتزم نشر صواريخ "براهموس" الأسرع من الصوت، المطوَّرة بالشراكة مع الهند، في غرب جزيرة لوزون وجزيرة بالاوان الغربية الأبعد باتجاه بحر الصين الجنوبي.

كما حصلت مانيلا بالفعل على دفعتين من أصل ثلاث دفعات متعاقد عليها، لتصبح أول مشغل أجنبي لهذه المنظومة البرية.

أما اليابان فتخطط لنشر مركبات انزلاقية فائقة السرعة في جزيرة كيوشو الجنوبية وجزيرة هوكايدو الشمالية، مع تسريع الجدول الزمني للنشر، وتجري حاليًا اختبارات المنظومة، ومن المتوقع أن تصبح عملياتية العام المقبل.

وتعتبر الصواريخ الفائقة السرعة -القادرة على تجاوز 5 أضعاف سرعة الصوت والمزودة برؤوس حربية قابلة للمناورة- صعبة الاعتراض ومثالية لاختراق دفاعات مجموعات حاملات الطائرات، وهو المجال الذي طورت فيه الصين عدة أسلحة فائقة السرعة وتتفوق فيه بشكل ملحوظ، بحسب مسؤولين بالبنتاجون.

تأتي هذه التطورات في ظل استمرار الضغوط العسكرية والسياسية الصينية على تايوان، التي تعتبرها بكين جزءًا لا يتجزأ من أراضيها، فيما تعهد الرئيس شي جين بينج مرارًا بإعادتها تحت سيطرة البر الرئيسي، ولو باستخدام القوة إذا لزم الأمر، في ظل امتلاك الصين أكبر قوات بحرية وحرس سواحل في العالم.

 

التعليقات