شم النسيم.. "عيد مصري" يحتفل بالحياة منذ آلاف السنين

يحتفل المصريون، كل عام، بعيد شم النسيم بطقوس وعادات تضرب بجذورها في عمق التاريخ، وتعود أصولها إلى العصور الفرعونية، حيث يُعد من أقدم الأعياد التي عرفتها مصر، ويتميز بكونه احتفالًا شعبيًا مشتركًا بين المصريين على اختلاف دياناتهم، إذ يشارك فيه المسلمون والمسيحيون.

ووفقًا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فإن شم النسيم كان أحد أبرز الأعياد في مصر القديمة، وقد وثّقت جداريات المعابد الفرعونية طقوسه واحتفالاته التي ارتبطت ببداية موسم الحصاد وتجدد الحياة في فصل الربيع.

ولا تزال طقوس هذا العيد تمارس حتى اليوم، حاملة معها روح مصرية أصيلة لا تنفصل عن ذاكرة الزمن.

من أبرز الطقوس المتوارثة في شم النسيم ما يُعرف بـ"دقّ البصل"، وهي عادة لا تزال حاضرة في البيوت المصرية ذات الأصول الريفية.

حيث يقوم الأهالي بهرس البصل في صباح العيد ووضعه أمام مداخل البيوت، في تقليد فرعوني قديم كان يُعتقد أنه يُبعد الأرواح الشريرة ويمنع دخول الجن، بفضل رائحته النفاذة التي تُعد "حارسًا" للمكان.

أما البيض الملون، فهو أكثر طقوس شم النسيم شعبية بين الأطفال، لكنه في الأصل عادة فرعونية مرتبطة بالخصوبة وتجدد الحياة.

اعتاد المصريون القدماء على تلوين البيض وكتابة الأمنيات عليه قبل تقديمه للآلهة.

وكشفت برديات فرعونية عن رسوم لبيض مزيّن بسنابل القمح وأوراق النخيل، كرمز للخير والنماء.

لا يكتمل شم النسيم دون مائدة عامرة بالفسيخ والرنجة والسردين والملوحة، وهي أطعمة تعود جذورها إلى مصر القديمة، حين كان المصريون يملحون الأسماك ويخزنونها لفترات طويلة، لتناولها في الأعياد.

وعلى الرغم من التحذيرات الصحية المرتبطة بها، لا تزال هذه المأكولات حاضرة بقوة في الاحتفال، وترتبط بطقوس اجتماعية متوارثة.

إلى جانب المأكولات المالحة، تحرص الأسر المصرية على تقديم "الملانة" أو الحمص الأخضر، المعروف بطعمه المميز وصوت "الطرقعة" الذي يصدر عند تقشيره، ليضفي على المناسبة جوًا من المرح، خاصة بين الأطفال.

وتُعد الملانة أيضًا خيارًا صحيًا، حيث تُعرف بقدرتها على تحسين الهضم وتنظيف الأمعاء.

 

التعليقات