
يحيى الفخراني يُعيد "تألق الكلاسيكيات" إلى المسرح القومي بـ"الملك لير"
مسرحية طال انتظارها، تعيد تألق المسرح الكلاسيكي إلى الخشبة العريقة للمسرح القومي، من خلال عرض استثنائي لمسرحية "الملك لير"، التي تشهد تلاحمًا نادرًا بين عبقرية النص الشكسبيري، وقوة الأداء التمثيلي للفنان الكبير يحيى الفخراني، برؤية إخراجية جديدة للمخرج شادي سرور.
العرض لا يعيد فقط عملًا أدبيًا خالدًا إلى الحياة، بل يشكّل علامة مضيئة في سجل المسرح المصري الحديث، ويمنح الأمل لجيل جديد من المبدعين.
صراعات إنسانية
يتتبع العرض خطوط المأساة التي رسمها شكسبير ببراعة في عمله الخالد، حيث تتجلى الصراعات النفسية والإنسانية في أوجها، بين جنون السلطة، وخيانة الأبناء، وتلاشي الذات.
ويقدم الفخراني شخصية الملك "لير" وهو في عمر متقارب مع سن الشخصية الحقيقي، ما يمنح الدور عمقًا مضاعفًا، حيث تُنقل مشاعر الندم، والحكمة، والانكسار بشكل حيّ، يأسر وجدان الجمهور ويجعله شريكًا في الرحلة الدرامية التي تمتد لعوالم الإنسان الداخلية.
حماس الفخراني
بحسب ما كشفه المخرج شادي سرور في تصريحات لموقع "القاهرة الإخبارية"، فإن المبادرة بإعادة تقديم المسرحية جاءت من الفنان يحيى الفخراني نفسه، الذي اختار العمل بحماس بالغ، وتواصل مباشرة مع سرور بعد أن أعجب ببعض أعماله السابقة، ليبدأ المشروع فعليًا في أغسطس الماضي، ومنذ ذلك الحين تتواصل البروفات بشكل يومي دون انقطاع.
ويقول "سرور" عن الفخراني: "قيمة فنية راسخة، يتمتع بإحساس فني نادر والتزام استثنائي، يحضر إلى المسرح قبل موعد العرض بنصف ساعة على الأقل، ويؤدي أدواره بإخلاص يظهر في كل حركة وتعبير، ويهتم بأدق التفاصيل، ما يعكس حصيلة سنوات طويلة من الجدية والاحتراف".
رهان على الشباب
واحدة من أبرز التحديات التي واجهت العمل، كانت في اختيار فريق التمثيل، حيث قرر صنّاع العرض، وتحت مظلة البيت الفني للمسرح، عدم الاعتماد على أسماء جماهيرية معروفة إلى جانب الفخراني، بل منح الفرصة لمجموعة من الطاقات الشابة المنتمين إلى البيت الفني.
في البداية، أبدى الفخراني بعض التحفظات على هذه الخطوة، وفضّل الاعتماد على ممثلين ذوي جماهيرية، حفاظًا على مستوى العرض، لكن المخرج " شادي سرور" أصرّ على اختبار الشباب في البروفات.
ويضيف سرور في هذا الصدد: "عندما شاهدهم الفخراني على المسرح، أعجب بهم كثيرًا، وقال لي: هؤلاء بالفعل نجوم مميزون. وبذلك تحوّل العرض إلى منصة حقيقية لاكتشاف ودعم المواهب، وخلق مساحة نزيهة لتألق الجيل الجديد".
رسالة خالدة
يشدد شادي سرور على أن الهدف من تقديم العرض لا يقتصر على الاحتفاء بالكلاسيكيات، بل يتجاوز ذلك إلى محاولة مخاطبة وجدان الجمهور المعاصر، خاصة فئة الشباب، عبر عمل يتناول صميم العلاقات الإنسانية. ويقول: "مسرحية (الملك لير) تتناول العلاقة المعقدة بين الآباء والأبناء، وما تحمله من حب وصراع وخذلان، وهي موضوعات تمس جوهر الإنسان في كل زمان ومكان".
ويضيف أن العبقرية الشكسبيرية تكمن في صياغة هذه الرسائل بلغة أدبية راقية، ما يجعلها خالدة، متابعًا:"أحرص على إخراج العرض بروح معاصرة، تحترم النص الأصلي، لكن في الوقت نفسه تقترب من المتلقي وتجعله يشعر أن هذه القصة تخصه، سواء كان من جيل الشباب أو من عشاق المسرح الكلاسيكي".