4 ملفات خارجية ساخنة في انتظار الرئيس التركي المقبل
جرت الانتخابات اليوم، الأحد، من دون حوادث تذكر ولكن في أجواء من الاستقطاب الشديد بين مرشحين رئيسيين: الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان وزعيم المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو.
أدلى الناخبون في تركيا المنقسمة بشدة بأصواتهم الأحد لاختيار رئيس خلفا للرئيس الإسلامي المحافظ رجب طيب إردوغان الذي يتولى السلطة منذ عشرين عاماً.
وبعد قرن على تأسيس الجمهورية، جرى الاقتراع في أجواء من الاستقطاب الشديد بين المرشحين الرئيسيين إردوغان (69 عاماً) وخصمه كمال كيليتشدار أوغلو (74 عاماً) الذي يقود حزباً ديموقراطياً اجتماعياً وعلمانياً.
وأغلقت مكاتب الاقتراع البالغ عددها حوالى 200 ألف في تركيا الأحد عند الساعة 17.00 بالتوقيت المحلي (14.00 ت غ) بعدما استقبلت حشوداً من الناخبين منذ الصباح بدون تسجيل حوادث تذكر، لانتخاب الرئيس الثالث عشر للجمهورية وتجديد أعضاء البرلمان.
بمعزل عن هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية التركية التي شهدتها البلاد اليوم، سيكون من نصيب الرئيس المقبل التعامل مجموعة من الملفات الدولية الساخنة، يفرضها على تركيا واقعها الجغرافي بكل بساطة.
- في الصيف الماضي أدت وساطة تركية قادها الرئيس المنتهية ولايته، رجب طيّب إردوغان، في الحرب الروسية-الأوكرانية، مع الأمم المتحدة، إلى إيجاد صيغة سمحت لأوكرانيا بالاستمرار بتصدير محاصيلها ومنتجاتها الزراعية. سمّي ذلك الاتفاق باتفاق اسطنبول. وقبل ذلك حاولت أنقرة جمع مسؤولين من كييف وموسكو من أجل مفاوضات سلام ولكن العملية باءت بالفشل. تركيا حتى الآن حافظت على دور متوازن في الحرب: دعمت أوكرانيا من جهة، ولكنها رفضت فرض العقوبات على روسيا. إردوغان نفسه قال "واقعنا الجغرافي يفرض علينا اتباع هذه السياسة".
- الملف السوري أيضاً سيكون أحد الملفات الساخنة والجاهزة على طاولة الرئيس. لقد بدأت أنقرة منذ أشهر بعملية بطيئة من "التطبيع" مع نظام بشار الأسد بعد قطيعة دامت سنوات. وجرت لقاءات بين مسؤولين أتراك وسوريين برعاية روسية. الملف السوري طبعاً يمس بالمسألة الكردية ومن هنا ربما يمكن فهم الرغبة التركية بإيجاد مخرج. الملف السوري أيضاً يخص ملايين اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا حالياً. إردوغان وعد في الماضي بأنه لن يرسل أبداً اللاجئين إلى بلادهم بالقوة.
- التوتر مع أثينا ووراءها الاتحاد الأوربي أيضاً أحد الملفات الجاهزة. لقد ساءت العلاقة بين بروكسل وأنقرة تدريجياً منذ محاولة الانقلاب العسكري في تركيا عام 2016 وما تلاها من حملة تطهير داخلية قادها إردوغان. ورغم أن العلاقات تحسنت تدريجياً بعد شيء من الغليان بسبب "شرق المتوسط" والاحتكاكات التركية الفرنسية اليونانية، إلا أنها تبقى أعسر مما كانت عليه في العقد الماضي. ربما يكون موقف إردوغان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عامل أساسي في فتور هذه العلاقة.
- تلعب تركيا أيضاً دوراً مهماً في المناوشات شبه المستمرة بين أرمينيا وأذربيجان بسبب إقليم ناغورنو قره باغ. وتمون أنقرة على باكو وتدعمها عسكرياً. ولكن أنقرة أيضاً تدفع، عبر تواصل دائم مع موسكو، إلى صيغة دائماً للسلام بين
يقول إمري بيكر، المحلل السياسي في مجموعة أوراسيا [Eurasia Group] إن الانتخابات التركية التي شهدتها البلاد اليوم تمثل معركة بين التغيير والاستمرارية، والاقتصاد هو الدافع الأساسي والأكبر فيها.
ويضيف بيكر أن نسبة الأصوات التي يمكن أن يتلقاها المرشح سنان أوغان والناخبين الذين لم يكونوا حسموا قرارهم قبل الاقتراع قد تشير إلى أن أياً من الرئيس الحالي، رجب طيب إردوغان، أو منافسه، كمال كيليتشادر أوغلو، قادران على حسم النتيجة عبر الحصول على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات.
لكن بيكر لا يسبعد حصول مفاجأة.
ويضيف المحلل السياسي أن إردوغان يحاول يائساً نقل النقاش إلى قضايا مثل الإرهاب، الوطنية، والقيم الأسرية، مع محاولة إبراز صورة قوية لنفسه كزعيم عالمي. لكن حجم المشاكل الاقتصادية، بحسب بيكر، ضخم جداً، لدرجة أن ذلك قد لا يكفي إردوغان.
وهكذا، فإن بيكر يبقي على جميع الاحتملات مفتوحة، لا بل أنه يلمح أن البلاد قد تشهد جولة ثانية في الثامن والعشرين من أيار/مايو، لحسم النتيجة واختيار رئيس البلاد والبرلمان.