في ذكر ى وفاته.. الضيف أحمد «أنت إزاي وستين إزاي»
كنت أراه فى صغرى فتغلبنى الضحكة، أهزأ به قولا وفعلا، ضحكتى الصادقة تلك لم أكن أعلم - وقتها - أنه يدفع ثمنها ربما من عمره، وفاته عن عمر 34 عاما كان صادما للجميع، ربما كان صادما أكثر لمن حرموا من إفيهاته وطلته الممتلئة بهجة وخفة ظل وملامح طِيبة نادرة.
الضيف أحمد، كان له من الاسم نصيب، "ضيفا" لم يصمد مع الدنيا كثيرا، كان عمره تقريبا كعمر الضحكة التى تخفت بعد الانتشاء بثوان، لا تحيا من جديد إلا بضحكة أخرى أو دمعة أخرى.. ولد فى 12 ديسمبر، الموافق أمس، من العام 1936 ومات فى ريعان شبابه فى 16 أبريل 1970، قضى نحبه كأنما يكمل دورا كوميديا أسودا لم يكتمل، مات مضغوطا بعمله وهزيمة فريق كرة القدم الذى يشجعه.
جسّد مشهد الموت المريع، وعايش لحظة وضعه فى تابوت بعد الرحيل، ضمن بروفات مسرحية "الراجل اللى جوز مراته"، وعاد لبيته يفكر فى كيفية إنهاء المسرحية وفى فريقه الذى بدأ لتوه اللعب، فى مباراة يشاهدها على التلفاز، فانهزم فى بداية اللقاء، ابن قرية "تمى الأمديد" بمحافظة الدقهلية كان ساخرا بحق حتى فى الرحيل عن الدنيا.
شارك الضيف أحمد الفنانيّن جورج سيدهم، وسمير غانم، فى تكوين فرقة "ثلاثى أضواء المسرح"، التى شهدت تألقه وملاحم خفة ظله، ليصبح بعد ذلك العقل المدبر للفرقة، كما يقول عنه الفنان سمير غانم، ليصنعوا سويا أسطورة من الضحك استمرت عبر التاريخ.
الضاحك ضعيف الجسد قوى الحضور، كان شامل الموهبة، أخرج وألف ولحن، "كل واحد له عفريت"، و"ربع دستة أشرار"، واسكتشات "30 يوم فى السجن"، مشهده الشهير مع الفنان رشدى أباظة فى فيلم "عروس النيل"، حينما سأله قائلا "أنا ليه.. أنا إزاى أنا إمتى؟" ثم ختمه بسؤال: "إنت إزاي وستين إزاي"، لم يكن مشهدا عاديا بل جسد فيه كل فلسفة الهزل وفلسفة الجد فى أسئلة وجودية عميقة مضحكة فى ظاهرها مبكية فى باطنها، رحم الله ضيف.